قلب على نافذة الانتظار
عادت فاطمة أمس إلى وطنها..
وكان عيد الرابع والعشرين لها..
فوقعّت مع نفسها وثيقة عهد أن تخدم هذا الوطن
فهو أغلى الأوطان..
كانت حياتها أشبه بالورق بل أجنحة متطايرة..
أن موعد وصولها للوطن كانت بمثابة هدية يوزن بالذهب ..
حياتها في الخارج لم يتوقف عن الجريان
أحست أن في داخلها مخازن من الحب الذي
تريد أن توزعه في كل مكان داخل وخارج الوطن...
صحيح أنها طوال غربتها تبحث عن سند عن كتف
عن من يدفعها الى أعلى المراتب .
تبحث عن قلب مسافر مع أجنحة التشجيع لها..
كانت تعيش بين هجرة وعودة..
كانت دائماً ما تشعر أن بحثها
عن الحب بلا قلب بحث ضائع ومفكك وحتى أنه حزين
عادت إلى الوراء قليلا ً ...
كانت وحيدة أمها
عاشت أجمل أيام حياتها بعد وفاة والدها ..
تتذكر متى توفى والدها
كانت طفلة في الخامسة من عمرها ..
رأت صلابة أمها رفضها أن تتزوج مرة أخرى..
دائما ً كان عمها يلّح على والدتها أن تتزوج به..
فهو عم فاطمة وأولى من الغريب..
كانت أمها بالنسبة لها شمس..أرض..عالم..
ولكن أبت والدتها الخضوع للزواج مرة أخرى..
أصرت أن تربي حبها الوحيد حتى تشب على الدنيا
بقوة وصلابة وفخر دائما ً تقبلها على وجنتيها قبل النوم..
دائما ً تحتضنها إلى صدرها العامر بالحنان
قبل ذهابها إلى المدرسة..
الدنيا ألوانها جميلة ...أشكالها بديعة..
أنوارها متراقصة..
هكذا ترى فاطمة الدنيا لا يوجد وحوش..
لا يوجد مرض.. لا يوجد فقر..
حتى هرعت إلى البيت فرحة جذلة لقد تخرجت
من الثانوية العامة ب مجموع كبير مجموع لم تكن تحلم به..
أمي ..أمي أين أنتِ لقد تفوقت ..
نسبتي كبيره يا سلاااام
أمي أين أنت! تتكلم بصوت عال مسرور
حتى دب الخوف إلى قلبها النابض..
خوف يقرص كل بدنها الشامخ بالأمل والسلام
دلفت إلى حجرة أمها فوجدتها نائمة..
جلست على طرف السرير العابق بعطر زكي
برائحة المسك والصندل فهذا عطر أمها المفضل ..
وضعت يدها على جبين أمها البارد !
كانت لا تسمع أصوات ولا تسمع همسات
سوى كلمة مسكينه هذه الفتاة لا سند ولا أخ لها
لا حول ولا قوة إلا بالله ..
إنا لله وإنا إليه راجعون..
في هذه اللحظة
وعت ما معنى كلمة عظمّ الله أجركم ...
في هذه اللحظة علمت أن روحها توقفت عن الصدمة..
لا أرجوك يا عماه دعني أدرس في الخارج..
هذا حلم أمي أريد أن أحققه لها..
حلم لطالما تمنته لي بل كانت تقص عليّ قبل النوم
قصة فتاة تتحدى ظروفها القاهرة
وتنجح وتدرس وتصل إلى !!
فلم تنتبه إلا على صفعة ظالمة
صارخا ً بكل عنفوانه:
اخرسي ألكِ جرأة في أن تتكلمي.. إليكِ عني !
صدمت أشد صدمة ثم أنّت بصوتٍ خافت :
أرجوك!!!
كلمة واحدة وسأعاقبكِ أشد العقاب..
إياكِ أن تتكلمي في هذا الموضوع
أم سالم نادي على فاطمة ل
قد حان اليوم عقد قرآنها إن شاء الله ...
أبا سالم كانت تكرر اسمه أكثر من مرة
حتى وصل صوتها الخائف إلى آخر الحي
مابكِ يا مجنونة..لماذا تصرخين بصخب؟!
فاطمة فاطمة !!
ما بها تلك المأفونة؟!!
ليست في غرفتها !
ماذا ألم تغلقي عليها الباب؟
بلى فعلت ولكن جاءت صديقتها عفرا..
ثم !لا أدري ما هذا الظرف؟!
أي ظرف هاتي ؟ !
غبية غبية...كيف تزوجت بامرأه غبية
بكت أم سالم بألم وبلا دموع..
فهى معتادة على اهانة زوجها لها
اغربي عن وجهي اغربي قبل أن أصفعكِ أنت ِ الأخرى
هرعت أم سالم إلى الداخل وجلة وخائفة من طيشه الأرعن
أخذت أم سالم تمشي في حجرتها تحاول أن تستجمع قوتها..
نعم لقد حان اليوم أن أقف في وجهه فهو أناني بطبعه ..
حقود لأن أم فاطمة رفضته وجرحت كبريائه الزائف
تلك اليتيمة بحاجة لمن يقف معها..
سأكون أنا سندها الخافي عنها
انتظر يا أبا سالم..إياك أن تصب جام حقدك عليها..
عفواً كيف تتفوهين بهذا الكلام يا أغبى زوجه
استجمعت ما تبقى من كرامتها فقالت بثقة :
ماذنبها إن كانت متفوقة و أبناءك الثلاث فاشلون
ماذا ماذا الآن أصبحوا أبنائي يا امرأة
قهقه حتى هدر غاضباً اغربي يااااا....
يا ماذا هيا انطق كانت تتأهب له
ففاطمة بحاجة لهذه الوقفة الغائبة عنها
سكت! علم أنها الآن مختلفة هز رأسه وذهب
كانت وصية فاطمة لنفسها عندما وطأت أرض الغربة
أحياناً تجري الرياح بما لا تشتهي السفن
وأحياناً تجري العزيمة وراء الحلم
وإن لم تشتهي الظروف كانت هذه وصيتها لنفسها..
فقد وقعت في حب العزيمة..
حب الحلم..
وأكثر من ذلك حب أمها..
ومرة ثانية وثالثة ورابعة حب الوطن
فالوطن الآن سندها الدائم
تعلم أنها لن تظلم داخل الوطن..
قلبها اليوم أشبه ب عصفور نائم
وتحمل الأمل معها في حلها وترحالها..
والآن ستطلقه بكل قوة ولأجل الوطن
فقد أعطاها الشهادة مجاناً وفي الخارج
ترى ما هي القصة التي كانت أمها تحكيها كل ليلة
لفاطمة قبل أن تنام
" الحياة مخاطرة.. وأن لا تفعلي شيئاً مخاطرة..
وأن تفعلي شيئاً مخاطرة..والعاقلة تختار أن تفعل ..
فطعم الحياة مختلفة مع الفعل"
عادت فاطمة أمس إلى وطنها..
وكان عيد الرابع والعشرين لها..
فوقعّت مع نفسها وثيقة عهد أن تخدم هذا الوطن
فهو أغلى الأوطان..
كانت حياتها أشبه بالورق بل أجنحة متطايرة..
أن موعد وصولها للوطن كانت بمثابة هدية يوزن بالذهب ..
حياتها في الخارج لم يتوقف عن الجريان
أحست أن في داخلها مخازن من الحب الذي
تريد أن توزعه في كل مكان داخل وخارج الوطن...
صحيح أنها طوال غربتها تبحث عن سند عن كتف
عن من يدفعها الى أعلى المراتب .
تبحث عن قلب مسافر مع أجنحة التشجيع لها..
كانت تعيش بين هجرة وعودة..
كانت دائماً ما تشعر أن بحثها
عن الحب بلا قلب بحث ضائع ومفكك وحتى أنه حزين
عادت إلى الوراء قليلا ً ...
كانت وحيدة أمها
عاشت أجمل أيام حياتها بعد وفاة والدها ..
تتذكر متى توفى والدها
كانت طفلة في الخامسة من عمرها ..
رأت صلابة أمها رفضها أن تتزوج مرة أخرى..
دائما ً كان عمها يلّح على والدتها أن تتزوج به..
فهو عم فاطمة وأولى من الغريب..
كانت أمها بالنسبة لها شمس..أرض..عالم..
ولكن أبت والدتها الخضوع للزواج مرة أخرى..
أصرت أن تربي حبها الوحيد حتى تشب على الدنيا
بقوة وصلابة وفخر دائما ً تقبلها على وجنتيها قبل النوم..
دائما ً تحتضنها إلى صدرها العامر بالحنان
قبل ذهابها إلى المدرسة..
الدنيا ألوانها جميلة ...أشكالها بديعة..
أنوارها متراقصة..
هكذا ترى فاطمة الدنيا لا يوجد وحوش..
لا يوجد مرض.. لا يوجد فقر..
حتى هرعت إلى البيت فرحة جذلة لقد تخرجت
من الثانوية العامة ب مجموع كبير مجموع لم تكن تحلم به..
أمي ..أمي أين أنتِ لقد تفوقت ..
نسبتي كبيره يا سلاااام
أمي أين أنت! تتكلم بصوت عال مسرور
حتى دب الخوف إلى قلبها النابض..
خوف يقرص كل بدنها الشامخ بالأمل والسلام
دلفت إلى حجرة أمها فوجدتها نائمة..
جلست على طرف السرير العابق بعطر زكي
برائحة المسك والصندل فهذا عطر أمها المفضل ..
وضعت يدها على جبين أمها البارد !
كانت لا تسمع أصوات ولا تسمع همسات
سوى كلمة مسكينه هذه الفتاة لا سند ولا أخ لها
لا حول ولا قوة إلا بالله ..
إنا لله وإنا إليه راجعون..
في هذه اللحظة
وعت ما معنى كلمة عظمّ الله أجركم ...
في هذه اللحظة علمت أن روحها توقفت عن الصدمة..
لا أرجوك يا عماه دعني أدرس في الخارج..
هذا حلم أمي أريد أن أحققه لها..
حلم لطالما تمنته لي بل كانت تقص عليّ قبل النوم
قصة فتاة تتحدى ظروفها القاهرة
وتنجح وتدرس وتصل إلى !!
فلم تنتبه إلا على صفعة ظالمة
صارخا ً بكل عنفوانه:
اخرسي ألكِ جرأة في أن تتكلمي.. إليكِ عني !
صدمت أشد صدمة ثم أنّت بصوتٍ خافت :
أرجوك!!!
كلمة واحدة وسأعاقبكِ أشد العقاب..
إياكِ أن تتكلمي في هذا الموضوع
أم سالم نادي على فاطمة ل
قد حان اليوم عقد قرآنها إن شاء الله ...
أبا سالم كانت تكرر اسمه أكثر من مرة
حتى وصل صوتها الخائف إلى آخر الحي
مابكِ يا مجنونة..لماذا تصرخين بصخب؟!
فاطمة فاطمة !!
ما بها تلك المأفونة؟!!
ليست في غرفتها !
ماذا ألم تغلقي عليها الباب؟
بلى فعلت ولكن جاءت صديقتها عفرا..
ثم !لا أدري ما هذا الظرف؟!
أي ظرف هاتي ؟ !
غبية غبية...كيف تزوجت بامرأه غبية
بكت أم سالم بألم وبلا دموع..
فهى معتادة على اهانة زوجها لها
اغربي عن وجهي اغربي قبل أن أصفعكِ أنت ِ الأخرى
هرعت أم سالم إلى الداخل وجلة وخائفة من طيشه الأرعن
أخذت أم سالم تمشي في حجرتها تحاول أن تستجمع قوتها..
نعم لقد حان اليوم أن أقف في وجهه فهو أناني بطبعه ..
حقود لأن أم فاطمة رفضته وجرحت كبريائه الزائف
تلك اليتيمة بحاجة لمن يقف معها..
سأكون أنا سندها الخافي عنها
انتظر يا أبا سالم..إياك أن تصب جام حقدك عليها..
عفواً كيف تتفوهين بهذا الكلام يا أغبى زوجه
استجمعت ما تبقى من كرامتها فقالت بثقة :
ماذنبها إن كانت متفوقة و أبناءك الثلاث فاشلون
ماذا ماذا الآن أصبحوا أبنائي يا امرأة
قهقه حتى هدر غاضباً اغربي يااااا....
يا ماذا هيا انطق كانت تتأهب له
ففاطمة بحاجة لهذه الوقفة الغائبة عنها
سكت! علم أنها الآن مختلفة هز رأسه وذهب
كانت وصية فاطمة لنفسها عندما وطأت أرض الغربة
أحياناً تجري الرياح بما لا تشتهي السفن
وأحياناً تجري العزيمة وراء الحلم
وإن لم تشتهي الظروف كانت هذه وصيتها لنفسها..
فقد وقعت في حب العزيمة..
حب الحلم..
وأكثر من ذلك حب أمها..
ومرة ثانية وثالثة ورابعة حب الوطن
فالوطن الآن سندها الدائم
تعلم أنها لن تظلم داخل الوطن..
قلبها اليوم أشبه ب عصفور نائم
وتحمل الأمل معها في حلها وترحالها..
والآن ستطلقه بكل قوة ولأجل الوطن
فقد أعطاها الشهادة مجاناً وفي الخارج
ترى ما هي القصة التي كانت أمها تحكيها كل ليلة
لفاطمة قبل أن تنام
" الحياة مخاطرة.. وأن لا تفعلي شيئاً مخاطرة..
وأن تفعلي شيئاً مخاطرة..والعاقلة تختار أن تفعل ..
فطعم الحياة مختلفة مع الفعل"